menu
menu
التكنولوجيا

مستقبل صناعة المحتوى.. كيف تعيد الآلة تعريف الإبداع البشري؟

نسرين بكارة
21/08/2025 08:23:00

في عصر أصبح فيه التغيير القاعدة لا الاستثناء، تصبح الأدوات التي نستخدمها مفتاح تحويل الأفكار إلى واقع ملموس.

قبل بزوغ فجر الذكاء الاصطناعي، كان إنتاج المحتوى رحلة شاقة، تتطلب جهدا فرديّا كبيرا يجمع بين الإبداع، والتفكير النقدي، وساعات طويلة من البحث والكتابة والتنسيق. وكان الإبداع -إلى حد كبير- حكرا على من يمتلكون الخبرة والمعرفة العميقة.

أما اليوم، فقد تغيرت قواعد اللعبة.. لم يعد صانع المحتوى أسيرَ إمكاناته الذاتية أو وتيرة العمل التقليدية، بل بات يمتلك أدوات ذكية تسرّع توليد الأفكار، وتحلّل البيانات، وتكتب النصوص، وتصمم الصور، بل وتتفاعل مع الجمهور بطرق غير مسبوقة. لم تعد هذه الأدوات مجرد وسائل مساعدة، بل أصبحت شريكا حقيقيا في الإبداع، تفتح آفاقا جديدة، وتختصر المسافة بين الفكرة والتنفيذ.

This illustration photo shows a video of male TikTok influencer hammering his cheekbone, playing on a smartphone in a bathroom next to a bottle of hydrogen peroxide and a hammer in Los Angeles, April 11, 2025. Hankering for a perfectly angular jaw, a male TikTok influencer hits his cheekbones with a hammer -- part of the popular online “looksmaxxing” trend that promotes unproven and often dangerous techniques to boost sexual appeal. Looksmaxxing influencers -- part of an online ecosystem dubbed the
شركات كبرى تعتمد على تقنيات توليد اللغة الطبيعية لتحويل البيانات إلى مقالات وتقارير وحتى نشرات تسويقية بما يقلل وقت إنتاج المحتوى إلى النصف (الفرنسية)

كيف يبسّط الذكاء الاصطناعي إنشاء المحتوى للأعمال؟

مع دخولنا عام 2025، لم تعد أتمتة المحتوى بالذكاء الاصطناعي مفهوما مستقبليا، بل أصبح حلا عمليّا يعيد تعريف الصناعة. لقد غيّر الذكاء الاصطناعي بشكل جذري طريقة تعامل الشركات مع إنشاء المحتوى والتواصل.

ووفقا لتقرير حالة الذكاء الاصطناعي لعام 2025 من ماكينزي، فإن 73% من الشركات تستخدمه الآن في إنشاء المحتوى، مما أدى إلى فوائد ملموسة، مثل زيادة إنتاج المحتوى بمقدار أربعة أضعاف، وتقليل تكاليف الإنتاج بنسبة 60%، وتعزيز تخصيص المحتوى بحسب الجمهور والمنصة.

لكن السؤال الأهم هو: كيف يُترجم هذا التقدم إلى أدوات عملية يُمكن للمبدعين والمسوّقين ورواد الأعمال استخدامها يوميا؟

هذا ما سنكتشفه في هذا المقال، من خلال استعراض أبرز الطرق التي يُغير بها الذكاء الاصطناعي مشهد إنشاء المحتوى، بالإضافة إلى أفضل الأدوات التي تساعد على ذلك بكفاءة.

خمسة اتجاهات رئيسية لاستخدام للذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى عام 2025

رصد موقع فوربس (Forbes) في تقرير حواري مع عدد من صناع المحتوى والمدربين الرقميين؛ كيف أصبحت أدوات الذكاء الاصطناعي بمثابة محرك جديد للإبداع، لا تتيح للمبدعين العمل بسرعة أكبر فقط، بل بذكاء أكبر أيضا.

وعند النظر إلى أبرز الاستخدامات الواقعية لهذه الأدوات في عام 2025، تتقاطع هذه التجارب مع ما كشفته تقارير الأعمال حول التحولات في مشهد صناعة المحتوى. وفيما يلي 5 اتجاهات رئيسية في هذا السياق:

1- توليد أفكار المحتوى.. "شات جي بي تي" و"توليد اللغة الطبيعية المتقدم"

لم تعد فكرة العصف الذهني حكرا على الورق الأبيض أو الاجتماعات المطولة، فأداة "شات جي بي تي" أصبحت منصة مرجعية لكثير من صناع المحتوى لتوليد أفكار متجددة لِحلقات البودكاست، والفيديو، أو منشورات السوشيال ميديا.

تشير بري بير، مدربة صناع المحتوى ومقدمة بودكاست "الازدهار لصناع المحتوى" (Thrive for Content Creator)، إلى أنها تستخدم "شات جي بي تي" كأرشيف ذكي لمحتواها السابق، حيث تُدخل المقالات ورسائل البريد ومواصفات جمهورها المستهدف، وتطلب من الأداة اقتراح أفكار تتماشى مع تلك البيانات، مما يساعدها على تطوير منشورات وإنشاء رسائل مخصصة تجذب عملاء جددا.

أما على المستوى المؤسسي، فتعتمد شركات كبرى على تقنيات توليد اللغة الطبيعية (NLG) لتحويل البيانات إلى مقالات وتقارير وحتى نشرات تسويقية، بما يقلل وقت إنتاج المحتوى إلى النصف. وهذه تقنية مدعومة بالذكاء الاصطناعي تحوّل البيانات المنظمة إلى نص يشبه النص البشري، وصُممت لفهم السياق والفروق الدقيقة، والتكيف مع أصوات العلامات التجارية المختلفة، وتوليد نسخ متعددة من المحتوى.

2- صياغة عروض تقديمية وظهور إعلامي محترف

ذكاء الأتمتة لا يقتصر على الكتابة الإبداعية فقط، بل يمتد إلى صياغة محتوى تواصلي رسمي. تستخدم إيما كورتيز إليندت، صانعة محتوى ومقدمة بودكاست "الإصدار الإبداعي" (Creative Edition)، الأداة نفسها لصياغة عروض تقديمية تستهدف الظهور في وسائل الإعلام المحلية.

وقد ساعدها "شات جي بي تي" على إنشاء عرض أولي تواصلت به مع محطة "كينغ 5" في سياتل، مما مكنها من الظهور في أحد برامجها الصباحية. السرّ، كما تقول، هو تقديم معلومات دقيقة عن نفسك وهدفك، ليتمكن الذكاء الاصطناعي من مساعدتك بصيغة مخصصة ومقنعة.

وهذا ينسجم أيضا مع الاستخدامات المهنية لتقنيات توليد اللغة الطبيعية (NLG) في إعداد محتوى العلاقات العامة، والعروض التجارية، وحتى الخطابات الرسمية.

3- تسويق المحتوى البصري تلقائيا.. أداة "أوباس كليب" (Opus Clip) 

من الأدوات البصرية التي تساعد على إعادة توظيف المحتوى الطويل، برزت "أوباس كليب" (Opus Clip) كخيار مثالي لصناع البودكاست.

أوستن توسون، صانعة محتوى ومقدمة بودكاست "أنشئ واستهلك" (Create and Consume)، استخدمت الأداة لتوليد مقاطع "ريلز" تلقائيا من حلقاتها على يوتيوب، مع المحافظة على الهوية البصرية لعلامتها التجارية من خلال الإعدادات المسبقة (Presets). كما ساعدتها الأداة على تصنيف المقاطع حسب قوة الخطاف (Hook) ومدى رواج الموضوع.

ويواكب ذلك تطور أدوات الذكاء الاصطناعي في التصميم، حيث يمكن إنشاء صور وفيديوهات عالية الجودة، متوافقة مع الهوية البصرية، وتحليل اتجاهات السوق بصريا.

4- تحويل التدوينات إلى مقاطع تفاعلية 

كيلا واتكنز، خبيرة "بينترست" (Pinterest)، وجدت في "شات جي بي تي" وسيلة فعالة لتحويل محتوى المدونة إلى أفكار سريعة ومباشرة لمقاطع "ريلز" على "إنستغرام"، حيث تطلب من الأداة أن تحوّل فقرة معينة إلى 6 أفكار تشمل بداية جذابة ونقاطا مختصرة، يما يختصر أيامًا من إنتاج المحتوى إلى 3 ساعات فقط.

5- تنظيم العمل والإنتاجية.. أدوات الإدارة والتحرير الذكي

في الجانب الإداري، تؤكد غابي بيكفورد، صانعة محتوى لموقع فوربس، أن أدوات مثل "ريكليم أي آي" (Reclaim AI) ساعدتها في تنظيم جدولها الشهري بدقة، خاصة أنها تعاني من فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD).

أما أداة "دسكريبت أي آي" (Descript AI)، فقد سهلت عليها إنتاج الفيديوهات من خلال التقطيع التلقائي، وإضافة الترجمة، وتصحيح الأخطاء، وهو ما مكنها من تقليص فريقها دون التأثير على الإنتاجية.

في المؤسسات، تتكامل هذه الأدوات مع أنظمة توزيع المحتوى وتتبع الأداء، بما يخلق بيئة إنتاجية ذكية تعمل بتنسيق وكفاءة عالية.

أتمتة المحتوى بالذكاء الاصطناعي تدفع نحو تحوّل غير مسبوق في تواصل الأعمال، بما يخلق مزيجًا سلسا من الإبداع البشري وكفاءة الذكاء الاصطناعي. هذا التعاون يسمح للشركات بإنشاء محتوى مخصص، ومؤثر، ومتسق، مع تقليل كبير في التكاليف والوقت. ولكن كيف لصناع المحتوى تبنّي هذا التحول بأنفسهم؟

تشات جي بي تي
"شات جي بي تي" أصبح منصة مرجعية لصناع المحتوى لتوليد أفكار متجددة لحلقات البودكاست والفيديوهات ومنشورات السوشيال ميديا (شترستوك)

أدوات الذكاء الاصطناعي التي تحدث الفرق في إنشاء المحتوى

إذا كنت منشئ محتوى أو مسوقًا تتطلع إلى تحسين جودة وكفاءة المحتوى، فقد حان الوقت لاكتشاف الأدوات التي يوصي بها الخبراء، مثل مات وولف، خبير أدوات الذكاء الاصطناعي ومؤسس موقع "فيوتشر تولز" (Future Tools)، وهو منصة متخصصة في تجميع وتنظيم أفضل أدوات الذكاء الاصطناعي المتاحة حاليًا.

يقول وولف: "إذا كنت صاحب عمل، والمحتوى هو عملك، وتبحث عن أكثر الطرق كفاءة لإخراج محتوى عالي الجودة إلى العالم، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي أمر لا غنى عنه. لا توجد طريقة لإنشاء المحتوى أكفأ من الاستفادة من بعض هذه الأدوات الموجودة، التي تُعتبر نوعا من الاختصار لإنشاء محتوى عالي الجودة حقا".

وبفضل تنفيذ إستراتيجي، يدير وولف قناة يوتيوب ناجحة ويُنتج محتوى ينافس فِرقًا كاملة من المبدعين باستخدام أدوات ذكية. إليك نظرة على الأدوات التي يعتمد عليها:

1- أدوات البحث الذكية

2- أدوات توليد الصور

ميدان - صناعة محتوى الفيديو
غير الذكاء الاصطناعي بشكل جذري طريقة تعامل الشركات مع إنشاء المحتوى والتواصل (مواقع التواصل الاجتماعي)


3- أدوات توليد الفيديو

4- أدوات توليد الصوت

في النهاية، يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي لا يقصي الإبداع البشري، بل يعيد تشكيله في صورة أكثر كفاءة ومرونة. ومع دخولنا عصرا تُقاس فيه القيمة بسرعة التنفيذ ودقة التخصيص، تمثل أدوات الذكاء الاصطناعي الحليف الأهم لكل من يريد أن يبدع، لا أن يتأخر.

وحتى الآن، يبدو أن هذه الأدوات لا تشكل بديلا عن الإنسان، بل وسيلة لتعزيز قدراته. أما من ينكرها فربما يكون قد حجز لنفسه مقعدا في قافلة المتأخرين.

بواسطة KaiK.ai