يعتبر داء الكلب واحداً من الأمراض الفيروسية الأكثر خطورة والتي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان، كما أنه قد يؤدي إلى الوفاة إذا لم يتم التعامل معه بسرعة وحذر. اللقاح الخاص بهذا المرض ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة في بعض الحالات التي تظهر فيها علامات تحذيرية تتطلب الاستجابة السريعة.
الكثير من الناس يعتقدون أن داء الكلب يقتصر فقط على العضات الخطيرة من الكلاب، ولكن الواقع أن الفيروس يمكن أن ينتقل أيضاً عبر خدوش الحيوانات أو حتى اللعاب إذا لامس جرحاً مفتوحاً أو الأغشية المخاطية. لهذا السبب هناك مجموعة من العلامات التي ينبغي ألا يتجاهلها كل رجل وامرأة، خاصة إذا كانوا يعيشون بالقرب من أماكن ينتشر فيها داء الكلب.
الحيوانات البرية كالخفافيش، والثعالب، والراكون، وحتى القطط الضالة، يمكنها جميعاً نقل الفيروس بالإضافة إلى الكلاب. وتعد العضات هي الطريق الأكثر شيوعاً لدخول الفيروس إلى الجسم. ومع ذلك، حتى لعقة بسيطة على يد مجروحة قد تشكل خطراً كبيراً.
تظهر الأعراض الأولى لداء الكلب عادة بعد أسبوعين إلى ثلاثة أشهر من التعرض للإصابة، لكنها أحياناً قد تظهر في غضون أيام قليلة. في البداية تكون الأعراض أشبه بأعراض الانفلونزا مثل الحمى، الصداع، وألم في العضلات. لكن مع تقدم الحالة، تظهر أعراض أكثر خطورة تتضمن التوتر العضلي، تشنجات، صعوبة البلع وحتى الهلوسة.
إذا تعرضت أنت أو أحد من أفراد عائلتك للعض أو الخدش من حيوان مجهول أو غير ملقح، فيجب التصرف بسرعة. من العلامات التحذيرية الهامة للإصابة: جروح عميقة أو واسعة لأي سبب ناجم عن حيوان، ظهور تورم أو احمرار شديد حول مكان الإصابة، نزول لعاب غزير أو سيلان غير طبيعي، الشعور بالخوف الشديد من الماء أو الهواء، وتدهور الحالة العصبية أو الذهنية.
اللقاح ضد داء الكلب هو الطريقة المثلى للحماية، خاصة إذا تم الحصول عليه قبل ظهور الأعراض. بمجرد بدء ظهور الأعراض المتقدمة يكون الفيروس قد وصل إلى الجهاز العصبي، مما يجعل العلاج شبه مستحيل. لذا فإن الحرص على أخذ اللقاح بعد التعرض المباشر لحيوان يشتبه بأنه يحمل الفيروس يُعد خطوة منقذة للحياة.
من الحقائق المثيرة أن مرض داء الكلب سجل نسبة وفيات تقارب 100% لمن لم يحصلوا على اللقاح قبل ظهور الأعراض المتقدمة. ولهذا يُصر الأطباء والخبراء على ضرورة أخذ اللقاح فور التعرض لأي إصابة مشبوهة، إلى جانب تنظيف الجرح جيداً بالماء والصابون تحت ضغط لمدة لا تقل عن خمس عشرة دقيقة.
السلطات الصحية توصي بعدم الاستخفاف بأي عضة أو خدش حتى وإن كان صغيراً، خاصة في المناطق الريفية أو الدول التي لا تزال تعاني من انتشار المرض بين الحيوانات. بل ويُنصح العاملون في المزارع وأصحاب المهن التي تتطلب التعامل المباشر مع الحيوانات البرية بتلقي اللقاح بشكل وقائي قبل التعرض لأي حادثة.
في المدن، هناك أيضاً مخاطر، خصوصاً من الحيوانات الشاردة أو المجهولة المصدر. لا يجب مداعبة أو إطعام الحيوانات المجهولة حتى وإن بدا عليها اللطف، إذ قد تكون حاملة للفيروس دون ظهور أعراض واضحة.
توعية الأطفال وتدريبهم على الابتعاد عن الحيوانات المجهولة وعدم محاولة الإمساك بها من الأمور شديدة الأهمية، وكذلك الإبلاغ الفوري عن أي حادثة عض أو خدش للجهات المختصة.
في حال واجهت حالة تعرض صاحبها للعض أو الخدش، فإن أول خطوة هي تنظيف الجرح مباشرة ثم التوجه لأقرب مركز صحي لإبلاغ الطبيب بكافة التفاصيل لمعرفة الحاجة إلى اللقاح العلاجي أو الوقائي.
ينبغي عدم الاعتماد فقط على القلق أو الانتظار لملاحظة الأعراض، حيث أن كل دقيقة لها تأثير في منع تطور المرض. كلما كان التدخل أسرع وأعطي اللقاح في الوقت المناسب، ازدادت فرص النجاة بدرجة كبيرة.
باختصار، الوقاية والمعرفة والسرعة في اتخاذ القرار يمكن أن تسهم في إنقاذ حياة شخص قد أصبح عرضة لهذا الفيروس الخطير. فداء الكلب ليس مرضاً يمكن المجازفة بتجاهله، ولا يجب التقليل من أي علامة تحذيرية قد تنذر بالخطر.
التزام المجتمع بالإجراءات الصحية ومتابعة التطعيمات الخاصة بالحيوانات الأليفة والحرص على النظافة الشخصية والتوعية المستمرة، يظل خط الدفاع الأول في معركة مواجهة داء الكلب وحماية الجميع من مخاطره.