هزّ إعلان خروج هنري كافيل من دور "جيرالت" بعد الموسم الثالث مشاعر الجماهير، خاصة في العالم العربي. كافيل - الذي جسد الشخصية بتركيز نادر على أصولها الأدبية - ترك فراغًا عاطفيًا يصعب ملؤه. جاء تعيين ليام هيمسورث بديلًا صادمًا للكثيرين، إذ يرى عشاق السلسلة أن تغيير البطل في منتصف المسار يهدد استمرارية الروح التي عُرفت بها الشخصية. تزايدت المخاوف بعد تصريحات كافيل التي كشفت عن خلافاته الفنية مع المنتجين حول الابتعاد عن نصوص الكاتب الأصلي أندريه سابكوفسكي، مما أشعل شكوكًا حول نزاهة المشروع الفنية.
الشكوى الكبرى: ابتعاد القصة عن جذورها
واجه الموسم انتقادات حادة لانحرافه عن روايات سابكوفسكي، رغم احتفاظه بشخصياته الأساسية. ركزت الأحداث على هروب "جيرالت" و"سيري" و"ينيفر" من المطاردين، لكنها أدخلت تعديلات جذرية مثل توسيع دور ينيفر في تدريب سيري سحريًا، وظهور شخصية "ياربين" الغامضة كحليف جديد، وتعقيد الصراعات السياسية بين ممالك "القارة" بشكل يتجاوز النص الأصلي. هذه التغييرات خلقت فجوة بين المسلسل والمادة المصدرية، مما دفع جزءًا كبيرًا من الجمهور - خاصة ممن عاشوا تجربة الألعاب أو الكتب - للشعور بفقدان الهوية الفريدة للسلسلة.
سجل الموسم الثالث تراجعًا ملحوظًا في التقييمات على منصتي IMDb وRotten Tomatoes مقارنة بسابقيه. تحليلات النقاد أرجعته لثلاثة عوامل متشابكة: تأثير صدمة رحيل كافيل على الاستمرارية العاطفية، وتشتت الحبكة بين مسارات فرعية عديدة على حساب العمق الدرامي، والمنافسة الشرسة من أعمال فانتازيا جديدة مثل "The Rings of Power". في استطلاع لموقع "سعودي جيمر"، أعرب 25.8% من الجمهور العربي عن فقدان الحماس بسبب غياب جيرالت التقليدي، بينما أرجع 39.5% تراجع اهتمامهم لتباعد المسلسل عن روح العمل الأصلية.
بصيص أمل: إيجابيات تستحق التقدير
رغم السحب السوداء، حمل الموسم لحظات مشرقة مثل التطور الملحوظ لشخصية "سيري" التي ظهرت كـ"فتاة الألفية" ذات القدرات الزمكانية، مما يفتح آفاقًا درامية واسعة للمواسم القادمة. كما تميزت المشاهد البصرية بإبهار غير مسبوق، خاصة في معارك السحر وتصوير عالم "القارة" الغامض، مع إبراز بارع لتفاصيل مطاردة "جاكاباس" لسيري. ولا ننسى تعميق الصراع السياسي عبر تحالفات ملوك "ريدينيا" و"رادانيا" ضد السحرة، مما أضاف طبقة من التعقيد الاجتماعي نالت إعجاب محبي العمق الدرامي.
تقف السلسلة عند مفترق طرق مع تحضيرات الموسم الرابع، وأبرز التحديات يتمثل في قدرة "هيمسورث" على تقديم نسخة مقنعة من "جيرالت" تحافظ على الجوهر مع ابتكار أبعاد جديدة. هذا يرتبط عضوياً بضرورة عودة القصة لجذور روايات سابكوفسكي، خاصة بعد اتفاق نتفليكس الجديد مع الكاتب. في الوقت نفسه، قد تنفتح فرص ذكية عبر التوسع في العالم الخيالي، كدمج السلسلة مع لعبة The Witcher الجديدة على محرك Unreal Engine 5، والتي قد تعيد إحياء حماس الجمهور إذا قدمت تجربة تفوق الجزء الثالث الشهير.
"القلق العربي ليس اعتباطياً، بل يعكس حباً جماً لعالمٍ التصق بقلوبنا. النجاح مستقبلاً رهين باستعادة الأمانة للإرث الأدبي وتحويل التغيير من نقطة ضعف إلى قوة إبداعية."
– تعليق لمتابع سعودي يلخص شعور الجمهور
الخلاصة: قلق مشروع.. ولكن
المشاعر المتضاربة تجاه مستقبل السلسلة تعكس رهاناً عاطفياً وفكرياً من جمهور اختار أن يمنح "ذا ويتشر" مكانة في ذاكرته الثقافية. التحدي الأكبر لصنّاع العمل هو تجاوز أزمة الثقة عبر ثلاث خطوات: العودة لروح المصادر الأصلية، وتحويل تجربة "هيمسورث" إلى إضافة نوعية بدل أن تكون مجرد بديل، والاستماع الجاد لنقد الجمهور الذي يملك مفاتيح بقاء السلسلة حية في الخيال الجمعي. النجاح في هذه المعادلة الصعبة قد يحول القلق الحالي إلى إعجاب مستقبلي.