عندما يخرج أحدنا بسيارة جديدة من المعرض، يتحقق له حلم جميل، لكن هذا الحلم غالبًا ما يرتبط بحقيقة اقتصادية قاسية: السيارة الجديدة تبدأ بخسارة جزء كبير من قيمتها فور مغادرتها للمعرض. تشير دراسات التسعير العالمية، ومنها الأسواق العربية، إلى أن السيارة الجديدة قد تفقد حتى 20% من قيمتها خلال السنة الأولى فقط، وبنسبة قد تصل إلى 40% خلال السنوات الثلاث الأولى. هذا الانخفاض الحاد في القيمة يُسمى "الاستهلاك"، وهو شيء يحدث لكل السيارات الجديدة تقريبًا بغض النظر عن نوعها أو فئتها. من هنا يفضل الكثير من المشترين الاتجاه نحو السيارات المستعملة لأنهم يتجنبون هذه الخسارة المالية الكبيرة، ويستفيدون من سعر أقل لنفس المواصفات تقريبًا.
توفير مالي كبير مع خيارات متعددة
شراء سيارة مستعملة لا يعني فقط دفع مبلغ أقل عند الشراء، بل يمنحك الفرصة للحصول على فئة أعلى أو مواصفات أكثر بتكلفة أقل بكثير من الجديدة. على سبيل المثال، الكثير من الناس يختارون سيارات مستعملة من فئات فخمة بأسعار معقولة تعادل سعر سيارات جديدة من الفئات الاقتصادية. ومع تعدد الخيارات في سوق المستعمل، يصبح بإمكان المشتري العثور على موديلات محددة أو تجهيزات داخلية أو مواصفات تقنية كان يصعب عليه اقتناؤها لو اشترى سيارة جديدة.
ليست قيمة الشراء هي الوحيدة التي تكون أقل في السيارات المستعملة، بل حتى تكاليف التأمين غالبًا ما تكون أقل، لأن شركات التأمين تحدد القسط حسب قيمة السيارة. أيضًا، الرسوم الجمركية والضرائب في بعض الدول تكون أدنى أو حتى معدومة على السيارات المستعملة. ومن زاوية أخرى، يمكن للمشتري توفير مبلغ تجهيزات إضافية غالبًا ما تكون متوفرة أصلًا في السيارات المستعملة التي سبق تجهيزها من المالك السابق مثل زجاج ملون أو أنظمة صوت متقدمة.
خيارات أوسع وفق الميزانية: لماذا يفضل البعض شراء السيارات المستعملة؟
هناك أسباب عملية تجعل الكثيرين يفضلون خيار المستعمل، منها:
- مرونة التفاوض في السعر وإمكانية الحصول على صفقة أفضل
- توفر مجموعة واسعة من الموديلات والأعوام تناسب جميع الأذواق والميزانيات
- سرعة إنهاء الصفقة واحتمال تسلم السيارة فورًا دون فترات انتظار طويلة كالتي تحدث مع السيارات الجديدة أحيانًا
- توافر معلومات وافية عن مشاكل الأعطال أو الأداء لأن الموديل متواجد في السوق منذ فترة، مما يسهل اتخاذ قرار الشراء بناءً على تجارب المستخدمين الآخرين
كل هذه العوامل تمنح مزيدًا من الأمان والوضوح في العملية الشرائية، خاصة للمشترين الجدد أو ذوي الميزانية المحدودة.
حماية من مفاجآت الاستعمال الأول
أحيانًا يتخوف الناس من السيارات المستعملة بسبب الأعطال أو المشاكل التي قد تظهر مع الزمن. لكن في الواقع، إذا تم فحص السيارة بشكل شامل لدى مراكز متخصصة أو وكلاء معتمدين، يمكن ضمان حالتها التقنية ومعرفة تاريخها بالكامل. بل إن بعض السيارات المستعملة لا تزال تحت ضمان المصنع أو الكفالة الممتدة، ما يوفر راحة إضافية للمشتري. من الجدير بالذكر أيضًا أن قطع غيار السيارات الشعبية متوفرة بشكل كبير، مما يسهل عمليات الصيانة ويوفر التكاليف على المدى الطويل عند المقارنة مع السيارات الجديدة ذات القطع الغالية أو النادرة.
متى يكون شراء السيارة الجديدة الخيار الأفضل؟
رغم كل ما سبق، يظل لبعض الأشخاص والأسر دوافعهم الخاصة لشراء سيارات جديدة مثل رغبتهم في الحصول على تجربة قيادة خالية تمامًا من أعطال سابقة، واستمتاعهم برائحة السيارة الجديدة، أو سعادتهم باختيار المواصفات الخاصة من المصنع. كما أن بعض الشركات تقدم عروض تمويل قوية أو برامج صيانة مجانية، وقد تكون هذه العوامل محفزًا للشراء لدى شريحة معينة من المشترين. ومع ذلك، وللأغلبية من يبحث عن توفير مالي ملموس واختيار أوسع في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، يعتبر سوق السيارات المستعملة الخيار الأذكى والأكثر عملية في العالم العربي.
في النهاية، يظل قرار الشراء شخصيًا يعتمد على ظروف المشتري واحتياجاته، لكن من المؤكد أن معرفة هذه الحقائق المنطقية والموفرة عن السيارات المستعملة تساعد كثيرًا في اتخاذ قرار صائب يوازن بين الطموح والميزانية.