menu
menu
الأخبار

العالم يواجه أزمة قهوة غير مسبوقة: الجفاف والرسوم الجمركية يهددان الإمدادات والأسعار

KaiK.ai
23/07/2025 12:07:00

يشهد العالم في الآونة الأخيرة أزمة غير مسبوقة تهدد مستقبل فنجان القهوة اليومي الذي يعشقه الملايين في كل قارات العالم. في المقاهي والمنازل والمكاتب، لم يعد من السهل تجاهل ارتفاع أسعار البن، وأخبار تعثر سلاسل الإمداد التي تصل إلى كل فنجان دافئ.

تعصف الأزمة بأشهر الدول المنتجة للقهوة مثل البرازيل وفيتنام وكولومبيا، حيث تعرضت المناطق المزروعة لموجات جفاف شديدة أثرت بصورة كبيرة على إنتاج المحاصيل. الجفاف وتغير المناخ ساهما في تقليص المحاصيل، مما دفع الأسعار إلى مستويات قياسية خلال العامين الأخيرين.

كما لعبت التحديات اللوجستية دورها، فالنقل البحري للحبوب الخام تأثر بسبب زيادة أسعار الشحن، فضلاً عن نقص العمالة في الموانئ، ما زاد من صعوبة وصول الحبوب إلى الأسواق العالمية بسرعة وكفاءة.

علاوة على ذلك، أدت الإجراءات الحكومية الجديدة إلى فرض رسوم جمركية مرتفعة على واردات البن في بعض البلدان المستهلكة، مما أضاف عبئاً إضافياً على المستهلكين النهائيين. في دول الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال، دخلت قوانين بيئية مشددة حيِّز التنفيذ مؤخراً، ما جعل الاستيراد أكثر كلفة وصعوبة.

المزارعون يعانون الضغوط الاقتصادية بشكل مباشر، فارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض المحصول يدفع الكثير منهم إلى التفكير في زراعة محاصيل بديلة قد تعود بعوائد أسرع وأعلى من البن. وهذا التوجه يهدد التنوع الجغرافي والإنتاجي للقهوة العالمية.

ومن الطرائف المرتبطة بهذه الأزمة، أنه في بعض بلدان أفريقيا وأمريكا الجنوبية، لجأ المزارعون إلى استخدام طرق رَيّ مبتكرة وعتيقة في آن معاً للحفاظ على شجيرات البن، مثل الجمع بين الري بالتنقيط وتخزين مياه الأمطار في خزانات خاصة داخل المزارع.

آثار هذه الأزمة لا تقتصر على الأسعار في المقاهي والمتاجر، بل امتدت لتؤثر على الصناعات المرتبطة بالقهوة مثل قطاع الشوكولاتة والمشروبات المنكّهة والمخابز التي تعتمد كثيراً على البن كمكوّن رئيسي. بعض الشركات العالمية اضطرت إلى تعديل وصفاتها أو تقليص أحجام منتجاتها استجابة لتقلب الأسعار.

يعد البن السلعة الزراعية الثانية عالمياً بعد النفط من حيث حجم التداول والقيمة، ومع استهلاك البشر لحوالي 2.25 مليار كوب يومياً، يظهر بوضوح حجم التأثير الاقتصادي والاجتماعي لأي أزمة تمس هذا القطاع.

تشير الدراسات إلى أن الاستهلاك العالمي للقهوة يتزايد بنسبة تتراوح بين 1 إلى 2% سنوياً، ولا سيما في الأسواق الناشئة مثل الصين والهند، وهو ما يضغط أكثر على الطلب في ظل التحديات الحالية في الإنتاج.

الخبراء يحذرون من أن تفاقم آثار التغير المناخي يعني أن موجات الجفاف والفيضانات ستصبح أكثر تواتراً، مما قد يجبر الشركات والمستهلكين على التكيف مع التحولات في الأصناف والأسعار والجودة.

في ظل هذا الوضع، بدأت بعض الشركات الناشئة حول العالم في تطوير أصناف بن هجينة أكثر مقاومة للجفاف والأمراض، كما جرى الاستثمار في الزراعة العمودية، وهي تقنية حديثة تساعد على تعظيم الإنتاج واستهلاك موارد أقل.

من اللافت أيضاً أن الأزمة شجعت على ازدهار تجارة البن من أماكن جديدة غير تقليدية مثل رواندا وأوغندا، حيث تقدم ظروف بيئية ملائمة وسهولة نسبية في الإنتاج مقارنة بالمناطق المتأثرة بالجفاف.

أما بالنسبة لعشاق القهوة حول العالم، فقد أصبح البحث عن بدائل أقل سعراً أو محلية أمراً مطروحاً بقوة، كما انتشرت حملات دعم المزارعين من خلال شراء القهوة التجارية العادلة ذات الأسعار المنصفة.

في كثير من المدن الكبرى، ارتفع سعر كوب القهوة الواحد بنسبة وصلت في بعض الأحيان إلى 30% مقارنة بالسنوات الماضية، وهو ارتفاع غير مسبوق يعكس حجم الأزمة وتعقيد جذورها.

تظل أزمة القهوة تذكيراً قوياً بأن سلاسل الغذاء العالمي هشة وتخضع لتحولات مناخية وسياسية واقتصادية متسارعة، وتبرز أهمية التفكير في الاستدامة الزراعية كخيار لا مفر منه لضمان مستقبل هذا المنتج العريق.

الأمل معقود على التكيف والابتكار وإعادة النظر في السياسات الزراعية والتجارية، حتى يبقى فنجان القهوة حاضراً في حياة البشر دون أن يتحول إلى رفاهية يصعب الوصول إليها.

بواسطة KaiK.ai